موضوع: مافي ماهر تكتب : الانتحار أسلوب حياة الخميس ديسمبر 04, 2014 11:19 am
عزيزي الثائر صديقي وابن جيلي الذي عاش وتربى منذ أن ولد في عصر مبارك…حيث كل شىء في مكانه لا يتحرك..لا يتقدم لا يتغير..حيث ثقافة الثبات ووأد الأحلام وإحباط أي محاولة تغيير .. حيث قتل الإبداع في المدارس ونزع الفردية رويدا رويدا .. حيث أنني وأنك كنا مثل أهالينا مطحونين في صور صنعوها من أجلنا وقوالب ظلوا مأسورين فيها وأرادوا لنا – دون وعى منهم- أن نصبح مثلهم.نحن جيل سوسو وفوفو نتهم بأننا عيال سيس.. وماذا كانوا ينتظرون من جيل عاش فى عصر «مبارك» من جيل عاش وتربى على قيم الفساد واللامبالاة والخوف والمشي جنب الحيط…من جيل لم يكن له مشروع قومي يسير خلفه؟ ثم حدثت الحادثة التي قلبت الدنيا «فوقاني تحتاني»…الجيل السيس عمل الثورة… وهذا الجيل لم يكن نبت شيطاني إنما هو ابن أجيال أخرى تراكم نضالها رغم كل القهر والقمع وما نحن إلا ورثة لهؤلاء الشرفاء…لكن لا أحد ينكر أنها ثورة الشباب.. والحقيقة أنني سألت نفسى 100 مرة كيف!!!! كيف قمنا بثورة ولماذا قمنا بها ونحن أبناء القهر والقمع… والحقيقة أن هذا السؤال سيجاب عنه فى دراسات كثيرة سيقوم بها كثيرون لاحقا. أما الآن فما يشغلني هو كلمة واحدة «سذاجتنا» نعم فأغلب الظن أننا كنا نظن أننا نحارب التنين في «سوبر ماريو» … أتدركون ماذا فعلنا؟ نحن وقفنا أمام فساد متجذر، أمام عفن ظل عقودا، أزحنا عنه الستار..ففاح.. وراحوا يدينوننا ويتهموننا وثورتنا أننا السبب فى مأسيهم! لأنه فوق طاقتهم أن يعترفوا لأنفسهم بأنهم مسئولون بصمتهم العاجز عن هذا العفن..أخواتنا وأهالينا الذين يلعنون ثورتنا أضعف بكثير من أن يواجهوا أنفسهم بالحقيقة ويتحملوا المسئولية عارين من كل أسلحة الدفاع ، والحقيقة أن الوقوف أمام الحقيقة عارية هو أمر شديد الصعوبة على أي نفس ومن يتجاسر ويفعلها عليه أن يتحمل ويدرك جيدا أنه سيتحمل -خاصة في مجتمع يتعرض لمحاولات تغييب- الكثير والكثير جدا. أتدركون أننا وحدنا عزل أمام عدو واضح متمثل في سلطة فاسدة ثم عدو أخطر متمثل في الفساد بالمؤسسات وعدو أبشع متمثل في مؤسسة الفساد في العقول وعدو أحقر متمثل في توطين الفساد في النفوس وتجريف الشخصية المصرية وتجريدها من ثوابتها. دعكم من أحلامنا الكبرى بالعيش والحرية والكرامة ولننظر لشاب الليسيه الذي يسفك الدماء في «داعش» ويلعن الكفار عباد الصليب!!! وجرائم زنا المحارم وحالات الانتحار…يا أصدقائي نحن أمام غول كبير وحش حقيقي يهدد مستقبلنا بل وكينونتنا … الوعي الجمعي المصري يحتاج إلى علاج جماعي … وطبعا أنا أعرف تماما العلاقة الوثيقة بين الديكتاتورية والقمع والقهر وقتل الأحلام وبين هذه الظواهر المتعفنة التي باتت يومياتنا. من كل هذا أردت أن أقول إن تصوراتنا عن أن الأمر سينتهي سريعا إنما هي سذاجة مفرطة. ثم يأتى الخطر الأكبر من كل شىء خطر الانهزام الذاتي… وأسالك سؤال… أتريد أن تنتحر؟ هل جاءتك الفكرة؟ كم واحد حولك يريدها؟ أو فكر بها؟؟ لست في موقع تقييم وحاشا لي أن أعطي لنفسي من الأصل حق الحكم على شىء كهذا ولكن تسرب الفكرة في حد ذاته إلى جيلنا بهذا الشكل يجعل من لن يقوم بها حقا يتخذها أسلوب حياة.. فمن يؤيد الانتحار سيحيا ميتا أو يموت فعلا… وفي هذا وأقول هذا بكل قسوة لنا جميعا في هذا جرم كبير لا في حق أنفسنا بل في حق أولادنا. فنحن الذين دعونا للنزول نحن المسئولون عن ان أطفال هذا الجيل تفتحت أعينهم على ثورة نحن المسئولون عن أحلام زرعناها فيهم..ونأتي اليوم لنستسلم… ياخى ده احنا نبقى هفأ قوي الصراحة. ثم يأتي الاستسلام للوهم الأكبر فى حياة الإنسان وهو «الكمال» فما هذا الغرور يا أخي يا سلام من قال لك إنك أتيت إلى هذه الحياة لتراه على مزاج سيادتك..السعي علينا العمل علينا بذر البذور علينا وأما الثمار فهي بتوقيتها وكيفيتها وحجمها فقط…على الله. فلنغضب فلنحزن فلتتقطع قلوبنا ولننزف دما ولنحزن بعمق…لكن إيانا واليأس فهو رفاهية ليست من حقنا…وفي رقبتنا جيل لابد أن نورثه المقاومة لا أن نورثه الانتحار كأسلوب حياة. وفى هذا يصبح الفرح مقاومة والفن مقاومة والتمسك بالحلم هو الفرض الأعظم…إياك وإياك وإياك أن تتنازل عن حلمك فكيف تريد أن تحلم وتنتصر لحلم جماعي وأنت خنت حلمك الذاتي.